زكاة الفطر
من المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
س388 - ما الحكم في إخراج الزكاة أو قيمتها مع أنني لا أجد ولا أعرف مستحقا لها ؟
إذا كان عندك مال تجب فيه الزكاة ولا تعرف مستحقا لكونك في بلد من غربة ولا تعرف المستحقين فعليك أن توكل من إخوانك من أهل البلد من تثق به من يخرجها على المستحقين ، وإذا كنت لا تعرف أحدا ولا تستطيع أن توكل فتنقلها من البلد الذي لا تعرف فيه مستحقا إلى بلد آخر تعرف فيه من يستحق الزكاة وتدفعها إليه ؛ لأن هذا منتهى استطاعتك .
س389 - كثر الجدل مؤخرا بين علماء بعض الدول الأخرى حول المشروع في زكاة الفطر ، وإمكانية إخراج القيمة ، فما رأي فضيلتكم ؟
المشروع في زكاة الفطر أن تؤدى على الوجه المشروع الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بأن يدفع المسلم صاعا من قوت البلد وتعطى للفقير في وقتها ، أما إخراج القيمة فإنه لا يجزئ في زكاة الفطر ؛ لأنه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وما عمل به صحابته الكرام من إخراج الطعام ، ولم يكونوا يخرجون القيمة وهم أعلم منا بما يجوز وما لا يجوز ، والعلماء الذين قالوا بإخراج القيمة قالوا ذلك عن اجتهاد ، والاجتهاد إذا خالف النص فلا اعتبار به .
قيل للإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - : قوم يقولون : عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة في الفطرة ؟ قال : يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون : قال فلان ، وقد قال ابن عمر : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا . انتهى .
س390 - بالنسبة لزكاة الفطر حينما نشتريها من الباعة نجد الكثير من المحتاجين جالسين طالبين لها فنقوم بتوزيعها عليهم ولكن قد لا يأخذ بعضهم صاعا كاملا فهل يشترط أن لا يقل إطعام المسكن الواحد عن صاع أم يجوز ولو قل عن ذلك ؟
قد فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من البر أو نحوه من الطعام فيجوز للمسلم أن يدفع الصاع للشخص الواحد ولعدة أشخاص المهم أن يكون من الدافع صاع كامل ، أما المدفوع له فلا مانع أن يشترك عدة أشخاص في صدقة شخص واحد .
س391 - أنا مقيم في هذا البلد للعمل ، فهل يجوز لي إخراج زكاة الفطر هنا أم في بلدي الذي قدمت منه ؟
يشرع إخراج صدقة الفطر في البلد الذي ينتهي شهر رمضان وأنت فيه ؛ لأنها تابعة للبلد فحيث وجد المسلم في بلد وحان انتهاء شهر رمضان فإنه يخرج زكاة الفطر عن نفسه في فقراء ذلك البلد ، وإن وكل من يخرجها عنه في بلده أجزأه ذلك ، لكنه خلاف الأولى - والله أعلم - ، وإذا كنت في بلد ليس فيه مسلمون ، أو فيه مسلمون لكنهم لا يستحقون صدقة الفطر لأنهم أغنياء ، فإنها تخرج في أقرب بلد فيه فقراء من المسلمين .
س392 - هل يجوز إخراج الزكاة في البلد الذي أنا مقيم فيه مع وجود مساكين في بلدتي ؟
الأصل أن الزكاة تخرج في البلد الذي فيه المال ، فإذا لم يكن في البلد الذي فيه المال فقراء مسلمون ، فإنه ينقلها إلى أقرب البلاد إليها التي فيها فقراء من المسلمين هذا هو الأصل ، والله أعلم .
س393 - ما حكم دفع قيمة صدقة الفطر وقيمة الأضحية والعقيقة ليشترى بها طعام يدفع وشاة تذبح في بلاد أخرى للفقراء هناك ؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فقد قال الله تعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .
وقال صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا ، فهو رد ، أخرجه البخاري .
إن بعض الناس في هذا الزمان يحاولون تغيير العبادات عن وضعها الشرعي ، ولذلك أمثلة كثيرة ، فمثلا صدقة الفطر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجها من الطعام في البلد الذي يوجد فيه المسلم عند نهاية شهر رمضان ، بأن يخرجها في مساكين ذلك البلد ، وقد وجد من يفتي بإخراج القيمة بدلا من الطعام ، ومن يفتي بدفع دراهم يشتري بها طعام في بلد آخر بعيد عن بلد الصائم وتوزع هناك ، وهذا تغيير للعبادة عن وضعها الشرعي ، فصدقة الفطر لها وقت تخرج فيه ، وهو ليلة العيد أو قبله بيومين فقط عند العلماء ، ولها مكان تخرج فيه ، وهو البلد الذي يوافي تمام الشهر والمسلم فيه ، ولها أهل تصرف فيهم ، وهم مساكين ذلك البلد ، ولها نوع تخرج منه ، وهو الطعام ، فلا بد من التقيد بهذه الاعتبارات الشرعية ، وإلا فإنها لا تكون عبادة صحيحة ، ولا مبرئة للذمة .
وقد اتفق الأئمة الأربعة على وجوب إخراج صدقة الفطر في البلد الذي فيه الصائم ما دام فيه مستحقون لها ، وصدر بذلك قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة ، فالواجب التقيد بذلك ، وعدم الالتفات إلى من ينادون بخلافه ؛ لأن المسلم يحرص على براءة ذمته ، والاحتياط لدينه ، وهكذا كل العبادات لا بد من أدائها على مقتضى الاعتبارات نوعا ووقتا ومصرفا ، فلا يغير نوع العبادة الذي شرعه الله إلى نوع آخر .
فمثلا : فدية الصيام بالنسبة للكبير الهرم والمريض المزمن اللذين لا يستطيعان الصيام قد أوجب الله عليهما الإطعام عن كل يوم بدلا من الصيام ، قال الله تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ، وكذلك الإطعام في الكفارات كفارة الظهار وكفارة الجماع في نهار رمضان وكفارة اليمين ، وكذلك إخراج الطعام في صدقة الفطر ، كل هذه العبادات لا بد من إخراج الطعام فيها ، ولا يجزئ عنه إخراج القيمة من النقود ؛ لأنه تغيير للعبادة عن نوعها الذي وجبت فيه ؛ لأن الله نص فيها على الإطعام ، فلا بد من التقيد به ، ومن لم يتقيد به ، فقد غير العبادة عن نوعها الذي أوجبه الله .
وكذلك الهدي والأضاحي والعقيقة عن المولود ، لا بد في هذه العبادات أن يذبح فيها من بهيمة الأنعام النوع الذي يجزئ منها ، ولا يجزئ عنها إخراج القيم أو التصدق بثمنها ؛ لأن الذبح عبادة : قال تعالى : فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ، وقال الله تعالى : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
والأكل من هذه الذبائح والتصدق من لحومها عبادة : قال الله تعالى : فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ .
فلا يجوز ولا يجزئ إخراج القيمة أو التصدق بالدراهم بدلا من الذبح ؛ لأن هذا تغيير للعبادة عن نوعها الذي شرعه الله فيه ، ولا بد أيضا أن تذبح هذه الذبائح في المكان الذي شرع الله ذبحها فيه .
فالهدي يذبح في الحرم : قال تعالى : ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ، وقال الله تعالى في المحرمين الذين ساقوا معهم الهدي : وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ .
والأضحية والعقيقة يذبحهما المسلم في بلده وفي بيته ، ويأكل ويتصدق منهما ، ولا يبعث بقيمتهما ليشتري بها ذبيحة وتوزع في بلد آخر ، كما ينادي به اليوم بعض الطلبة المبتدئين أو بعض العوام ، بحجة أن بعض البلاد فيها فقراء محتاجون .
ونحن نقول : إن مساعدة المحتاجين من المسلمين مطلوبة في أي مكان ، لكن العبادة التي شرع الله فعلها في مكان معين لا يجوز نقلها منه إلى مكان آخر ؛ لأن هذا تصرف وتغيير للعبادة عن الصيغة التي شرعها الله لها ، وهؤلاء شوشوا على الناس ، حتى كثر تساؤلهم عن هذه المسألة .
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح فيها وهو مقيم بالمدينة ويذبح الأضحية والعقيقة في بيته بالمدينة ولا يبعث بهما إلى مكة ، مع أنها أفضل من المدينة ، وفيها فقراء قد يكونون أكثر حاجة من فقراء المدينة ، ومع هذا تقيد بالمكان الذي شرع الله أداء العبادة فيه ، فلم يذبح الهدي بالمدينة ، ولم يبعث بالأضحية والعقيقة إلى مكة ، بل ذبح كل نوع في مكانه المشروع ذبحه فيه ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة .
نعم ، لا مانع من إرسال اللحوم الفائضة من هدي التمتع وهدي التطوع خاصة دون هدي الجبران ومن الأضاحي إلى البلاد المحتاجة ، لكن الذبح لا بد أن يكون في المكان المخصص له شرعا .
ومن أراد نفع المحتاجين من إخواننا المسلمين في البلاد الأخرى ، فليساعدهم بالأموال والملابس والأطعمة وكل ما فيه نفع لهم ، أما العبادات فإنها لا تغير عن وقتها ومكانها بدعوى مساعدة المحتاجين في مكان آخر ، والعاطفة لا تكون على حساب الدين وتغيير العبادة ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
حكم دفع زكاة الفطر لأهل البدع أصحاب القبور
س394 - بالنسبة للزكاة نحن ندفعها إلى الفقراء عندنا ولكنهم يرتكبون بعض الأعمال المخالفة للتوحيد فهم يذبحون للأموات ويستغيثون بهم ويسافرون إلى الاحتفالات السنوية ويشتركون فيها بما فيها من البدع والمنكرات ، فهل هم مع ذلك مستحقون للزكاة أم علينا شيء في دفعنا إليهم ؟
الزكاة إنما تدفع لفقراء المسلمين المستقيمين على التوحيد والعقيدة السليمة ، أما من كان مرتكبا لما يخالف العقيدة من الشرك الأكبر كالذي يستعين بالأموات وينذر لهم ويسافر إلى أضرحتهم للتبرك بها وطلب الحاجات منها ، فهذا ليس بمسلم وهو مشرك الشرك الأكبر الذي يخرجه من الملة ولا يجوز صرف الزكاة إليه ، وإنما تدفع الزكاة لفقراء المسلمين المستقيمين على التوحيد نسأل الله الهداية والتوفيق وأن يهدي ضال المسلمين ، وكذلك الذين يذهبون إلى الاحتفالات البدعية والخرافات فهؤلاء لا خير فيهم . قد تكون هذه الاحتفالات تشتمل على الشرك وعلى دعاء الأموات والغائبين فيكون فيها شرك أكبر وهم يشاركون في ذلك ، فلا يجوز دفع الزكاة لهم في هذه الحالة .
س395 - ما حكم الذين يجمعون صدقة الفطر ويقومون ببيعها في جهة أخرى ، فهل يجوز إعطاؤها هؤلاء وهل يجوز الشراء منهم إذا تأكدنا أن ما يبيعونه هو ما جمعوه من زكوات الناس ؟
يجب على الإنسان أن يتأكد من حاجة المدفوع له ويتأكد من حاجة الذي يأخذ الصدقة ويتأكد من استحقاقه لها ، فإذا ظهر له أن هذا الشخص يحتاج للصدقة فإنه يدفعها له وليس مسئولا عن تصرف الشخص الذي يأخذها ، فالشخص الذي أخذها له أن يبيعها وله أن يهبها وله أن يأكلها وله أن يخرجها عن نفسه صدقة عنه ، فالدافع غير مسئول ما دام أن الشخص الذي أخذها مستحق لها ويغلب على ظن الدافع ذلك ، أما إذا علم أنه لا يستحقها وأنه غني فلا يجوز دفعها إليه وتعرض الآخذين في الشارع وسؤالهم لها دليل على حاجتهم ، ولكن مع هذا ينبغي أن يتأكد وإذا علم أن هناك من هو أشد حاجة منهم فينبغي أن يدفعها إلى من هو أشد حاجة منهم ، أما شراؤها من بائعها فلا يجوز للمتصدق صدقة الفطر ولا يغرها أن يشتريها لا زكاة المال ولا صدقة الفطر ولا غيرها من الصدقات ، أما إذا اشترى صدقات الآخرين فلا مانع .
زكاة الفطر
من كتاب فقه العبادات للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :
السؤال
194 ) فضيلة الشيخ ، ما المقصود بزكاة الفطر ، وهل لها سبب ؟
الجواب : المقصود بزكاة الفطر : صاع من طعام ، يخرجه الإنسان عند انتهاء رمضان ، وسببها إظهار شكر نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد بالفطر من رمضان وإكماله ، ولهذا سميت صدقة الفطر أو زكاة الفطر لأنها تنسب إليه وهذا سببها الشرعي ، أما سببها الوضعي ، فهو أنه إذا غابت الشمس من ليلة العيد وجبت ، فلو ولد للإنسان ولد بعد مغيب الشمس ليلة العيد لم تلزمه فطرته ، وإنما تستحب ، ولو مات الإنسان قبل غروب الشمس ليلة العيد لم تجب فطرته أيضاً ؛ لأنه مات قبل وجود سبب الوجوب ، ولو عقد الإنسان على امرأة قبل غروب الشمس من آخر يوم رمضان لزمته فطرتها على قول كثير من أهل العلم ؛ لأنها كانت زوجته حين وجد السبب ، فإن عقد له بعد غروب الشمس ليلة العيد لم تلزمه فطرتها ، وهذا على القول بأن الزوج يلزمه فطرة زوجته وعياله ، وأما إذا قلنا : بأن كل إنسان تلزمه الفطرة عن نفسه كما هو ظاهر السنة ، فلا يصح التبديل في هذه المسألة .
السؤال (195 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم زكاة الفطر ؟
الجواب : زكاة الفطر فريضة ، فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعا من شعير ))(203) ، فلو أخرج من الدراهم أو من الثياب أو من الفرش أو من الأواني ، فإنه لا يصح أن يكون فطرة ولو كان أغلى من صاع الطعام ، وهذا يعني أنه لا يجوز إخراج قيمتها .
السؤال (196 ) : فضيلة الشيخ على من تجب زكاة الفطر وعلى من تستحب ؟
الجواب : تجب على كل إنسان من المسلمين ذكر كان أم أنثى ، صغيراً أم كبيراً ، سواء كان صائماً أم لم يصم كما لو كان مسافراً ولم يصم ، فإن صدقة الفطر تلزمه ، وأما من تستحب عنه فقد ذكر فقهاؤنا رحمهم الله أنه يستحب إخراجها عن الحمل في البطن ولا يجب .
السؤال (197 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم منعها وكيف يعامل مانعها ؟
الجواب : منعها محرم لأنه خروج عما فرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق في حديث ابن عمر رضي الله عنهما : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر . . . )) ، ومعلوم أن ترك المفروض حرام وفيه الإثم والمعصية .
السؤال (198 ) : فضيلة الشيخ ، ما هي مصارف زكاة الفطر ؟
الجواب : ليس لها إلا مصرف واحد فقط وهم الفقراء ، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ، طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين(204).
السؤال (199 ) : فضيلة الشيخ ، هل يجوز إعطاؤها للعمال من غير المسلمين ؟
الجواب : لا ، لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين فقط .
السؤال (200 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم نقلها إلى البلدان البعيدة بحجة وجود الفقراء الكثيرين فيها ؟
الجواب : نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء ، فلا بأس به ، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز .
السؤال (201 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم وضعها عند الجار حتى يأتي الفقير دون توكيل من الفقير ؟
الجواب : يجوز للإنسان أن يضعها عند جاره ، ويقول : هذه لفلان إذا جاء فأعطها إياه ، لكن لابد أن تصل يد الفقير قبل صلاة العيد ؛ لأنه وكيل عن صاحبها ، أما لو كان الجار قد وكله الفقير ، وقال اقبل زكاة الفطر من جارك لي ، فإنه يجوز أن تبقى مع الوكيل ولو خرج الناس من صلاة العيد .
السؤال (202 ) : فضيلة الشيخ، لو وضعها عند جاره ولم يأت من يستحقها قبل العيد وفات وقتها فما الحكم؟
الجواب: إذا وضعها عند جاره ، فإما أن يكون جاره وكيلاً للفقير فإذا وصلت إلي يد جاره فقد وصلت إلي الفقير، وأما إذا كان الفقير لم يوكله فإنه يلزم الذي عليه الفطرة أن يدفعها إلي أهلها، ولكن إذا تأخرت عن صلاة العيد ولم يؤدها فإنها لا تقبل منه لأنها عبادة مؤقتة بزمن معين، فإذا أخرها لغير عذر فإنها لا تقبل منه، أما إذا أخرها لعذر كنسيان أو لعدم وجود الفقراء في تلك اللحظة فهذا لا بأس به.
السؤال (203): فضيلة الشيخ، في هذه الحال هل يعيدها إلى ماله أو يلزمه إخراجها؟
الجواب : لا فرق سواء أعادها إلى ماله أو أبقاها حتى يأتي الفطر الثاني.
السؤال (204): فضيلة الشيخ، ما الذي يقوله المسلم إذا رئي هلال شوال قبل صلاة العيد؟
الجواب: الذي ينبغي للمسلم هو أن يكثر من التكبير والتهليل والتحميد ، لقول الله تعالى: ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة: 185) .
السؤال (205): فضيلة الشيخ، ما صفة التكبير والتهليل أثابكم الله؟
الجواب: أن نقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أو نقول : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ، لا إله إلا الله . والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
(203) رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين، رقم (1504) ومسلم ، كتاب الزكاة، باب تقديم الزكاة ومنعها، رقم (984)
(204) رواه أبو داود، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، رقم (1609)
فتاوى الزكاة
من فتاوى أركان الإسلام للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :
س 372: ما حكم إخراج زكاة الفطر في العشر الأوائل من رمضان؟
الجواب: زكاة الفطر أضيفت إلى الفطر؛ لأن الفطر هو سببها فإذا كان الفطر من رمضان هو سبب هذه الكفارة فإنها تتقيد به ولا تقدم عليه، ولهذا كان أفضل وقت تخرج فيه يوم العيد قبل الصلاة، ولكن يجوز أن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، لما في ذلك من التوسعة على المعطي والآخذ، أما ما قبل ذلك فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز، وعلى هذا فلها وقتان: وقت جواز وهو: قبل العيد بيوم أو يومين، ووقت فضيلة وهو : يوم العيد قبل الصلاة، أما تأخيرها إلى ما بعد الصلاة فإنه حرام، ولا تجزيء عن الفطرة ، لحديث ابن عباس- رضى الله عنهما-: (( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))375. إلا إذا كان الرجل جاهلاً بيوم العيد مثل أن يكون في برية ولا يعلم إلا متأخراً وما أشبه ذلك فإنه لا حرج أن يؤديها بعد صلاة العيد، وتجزيء عن الفطرة.* * *
س373: هل تجوز الزيادة في زكاة الفطر بنية الصدقة؟
الجواب: نعم يجوز أن يزيد الإنسان في الفطرة وينوي ما زاد على الواجب صدقة، ومن هذا ما يفعله بعض الناس اليوم يكون عنده عشر فطر مثلاً ويشتري كيساً من الرز يبلغ أكثر من عشر فطر ويخرجه جميعاً عنه، وعن أهل بيته، وهذا جائز إذا كان يتيقن أن هذا الكيس بقدر ما يجب عليه فأكثر؛ لأن كيل الفطرة ليس بواجب إلا ليعلم به القدر، فإذا علمنا أن القدر محقق في هذا الكيس ودفعناه إلى الفقير فلا حرج.
* * *
س374: يقول بعض العلماء إنه لا يجوز أداء زكاة الفطر من الرز مادامت الأصناف المنصوص عليها موجودة فما رأي فضيلتكم؟
الجواب: قال بعض العلماء إنه إذا كانت الأصناف الخمسة وهي البر، التمر، والشعير، والزبيب، والإقط إذا كانت هذه موجودة فإن زكاة الفطر لا تجزيء عن غيرها وهذا القول مخالف تماماً لقول من قال : إنه يجوز إخراج زكاة الفطر من هذه الأصناف وغيرها حتى الدراهم فهما طرفان.
والصحيح: أنه يجزىء إخراجها من طعام الآدميين، وذلك لأن أبا سعيد الخدري- رضي الله عنه- كما ثبت عنه في صحيح البخاري يقول: (( كنا نخرجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا التمر، والشعير، والزبيب، والأقط))376. ولم يذكر البر أيضاً، ولا أعلم أن البر ذكر في زكاة الفطر في حديث صحيح صريح، ولكن لاشك أن البر يجزىء، ثم حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال: )) فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين((377 ، فالصحيح أن طعام الآدميين يجزىء إخراج الفطرة منه وإن لم يكن من الأصناف الخمسة التي نص عليها الفقهاء، لأن هذه الأصناف- كما سبقت الإشارة إليه- كانت أربعة منها طعام الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيجوز إخراج زكاة الفطر من الأرز، بل الذي أرى أن الأرز أفضل من غيره في وقتنا الحاضر؛ لأنه أقل مئونة وأرغب عند الناس، ومع هذا فالأمور تختلف فقد يكون في البادية طائفة التمر أحب إليهم فيخرج الإنسان من التمر، وفي مكان آخر الزبيب أحب إليهم فيخرج الإنسان من الزبيب، وكذلك الأقط وغيره، فالأفضل في كل قوم ما هو أنفع لهم.
379: من كان في مكة وعائلته في الرياض فهل يخرج زكاة الفطر عنهم في مكة؟
الجواب: يجوز للإنسان أن يدفع زكاة الفطر عن عائلته إذا لم يكونوا معه في البلاد ، فإذا كان هو في مكة وهم في الرياض جاز أن يدفع زكاة الفطر عنهم في مكة ، ولكن الأفضل أن يزكي الإنسان زكاة الفطر في المكان الذي أدركه وقت الدفع وهو فيه فإذا أدرك الإنسان وقت الدفع وهو في مكة فيدفعها في مكة، وإن كان في الرياض يدفعها في الرياض، وإذا كان بعض العائلة في مكة وبعضهم في الرياض، فالذين في الرياض يدفعونها في الرياض، والذين في مكة يدفعونها في مكة؛ لأن زكاة الفطر تتبع البدن.
يتبع إن شاء الله ...........